الجامعات الخاصة في سورية تحدد أقساطها بالدولار وتلغي المنح
أصدر مجلس التعليم العالي التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في سورية قرارَين لتحديد الرسوم الأعلى في الجامعات الخاصة في البلاد، وذلك في خطوة وصفها مراقبون بأنّها محاولة لتخفيف الأعباء المالية عن الطلاب وعائلاتهم.
ويشمل القرار الطلاب السوريين والعرب والأجانب المسجّلين بدءاً من العام الدراسي 2025-2026، سواء في الجامعات التي تعتمد نظام الساعات أو النظام السنوي. وفي القرارالصادر أمس الأحد، حُدّدت رسوم الساعة المعتمدة في كلية الطب البشري بـ50 دولاراً أميركياً، وفي كلية طب الأسنان بـ45 دولاراً، وفي كلية الصيدلة بـ40 دولاراً، وفي كليات الهندسة بمختلف اختصاصاتها بـ30 دولاراً، في حين حُدّدت في باقي المعاهد والتخصصات الأخرى بـ15 دولاراً. وبخصوص رسوم التسجيل، فتأتي في المعاهد الطبية (الصيدلة، طب الأسنان، التعويضات السنية، والأطراف الصناعية) 20 دولاراً.
وفي ما يتعلّق بتخصصات أخرى، فقد حُدّدت أقساط سنوية لفنون الأداء بـ400 دولار وللاهوت بـ200 دولار في جامعة بلاد الشام، والدراسات العليا بـ400 دولار في الأكاديمية السورية و500 دولار في جامعة بلاد الشام.
وفي حسبة بسيطة، تصل تكلفة دراسة الطب البشري إلى 1250 دولاراً بواقع 25 ساعة في الفصل الواحد، وطب الأسنان إلى 810 دولارات بواقع 18 ساعة، والصيدلة إلى 720 دولاراً مع عدد الساعات نفسه، والهندسة بجميع فروعها إلى 540 دولاراً، وباقي التخصصات والكليات إلى 360 دولاراً.
ويأتي القرار مع توحيد الأقساط بالدولار للطلاب السوريين والحاصلين على شهادات غير سورية، مع إمكانية الدفع إمّا بالدولار وإمّا بما يعادل القيمة بالليرة السورية وفقاً لنشرة أسعار مصرف سورية المركزي. وأشار عدد من متابعين شؤون الجامعات الخاصة في سورية إلى أنّ القرار تضمّن تخفيضاً على الأقساط مقارنة بالسنوات الماضية، وصلت نسبته إلى نحو 30%، موضحين أنّ هذا القرار يمثّل "تخفيفاً ملموساً للأعباء المالية على الطلاب وعائلاتهم، لكنّه يبقى بعيداً عن جعل التعليم الخاص في متناول الجميع". وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق عزوز الإبراهيم إنّ "تحديد سقف للرسوم خطوة إيجابية للحدّ من فوضى الأسعار في الجامعات الخاصة، لكنّه لا يغني عن معالجة تحديات أعمق في منظومة التعليم العالي الخاصة". أضاف أنّ "إلغاء المنح الجامعية يعني أنّ الطلاب ذوي الأداء المتميز أو ذوي الدخل المحدود لم يعودوا يحظون بدعم مباشر، الأمر الذي قد يدفع عدد من العائلات إلى سحب أبنائها من التعليم الخاص أو تأجيل دراستهم، ومن شأن ذلك أن يؤثّر على مسارهم الأكاديمي وفرصهم المستقبلية".
وتابع الإبراهيم: "من جهة أخرى، يؤدّي تثبيت الرسوم بالدولار إلى استقرار نسبي في الأسعار ويمنع الجامعات من فرض زيادات عشوائية، لكنّه في الوقت نفسه يجعل تكلفة التعليم عالية بالنسبة إلى الطلاب الذين يعتمدون على دخل بالليرة السورية. لذا فإنّ الحلّ الأمثل، برأيي، هو الجمع ما بين تحديد سقف للأقساط وإعادة النظر في آليات المنح أو تقديم دعم مالي محدود للطلاب المتفوقين والمحتاجين، بحيث لا تتحوّل الجامعات الخاصة إلى مكان متاح فقط للأكثر قدرة مالياً".
من جهة أخرى، أثار قرار مجلس التعليم العالي في سورية انتقادات تتعلّق بإلغاء المنح الجامعية في الجامعات الخاصة، التي كانت تُخصَّص للطلاب المتفوقين أو ذوي الظروف المادية الصعبة، الأمر الذي يعني أنّ الاعتماد على الأقساط صار المصدر الوحيد لتمويل الدراسة، وهو ما يزيد من الضغط المالي على عدد من العائلات ويحدّ من فرص التعليم للطلاب الأقلّ قدرة.
ورغم ذلك، يرى خبراء أنّ تحديد سقف للأقساط ووضع أسعار موحّدة بالدولار يمثّلان خطوة إيجابية نحو ضبط أسعار الجامعات الخاصة والحدّ من التفاوت الكبير في الرسوم بين المؤسسات التعليمية، لكنّه يفتح باب النقاش مجدداً حول ضرورة وجود آليات دعم حقيقية للطلاب المتفوقين والمحتاجين.
العربي الجديد